كما توقعنا ذلك، أثارت الإعترافات التي وقعها المدرب والناخب الوطني هنري ميشيل بخط يده في الندوة الصحفية التي عقدها يوم الخميس الماضي، على هامش الخروج الكارثي لأسود الأطلس من الدور الأول لكأس إفريقيا للأمم، ردود فعل صاخبة وغاضبة، ذلك أنه برغم وجاهة ما عرضه هنري ميشيل من أسباب للإخفاق، إلا أن الكل لم يستصغ أن يجعل منها هنري ميشيل شماعة ليعلق عليها فشله الذريع في تدبير المشاركة المغربية بغانا، إستراتيجيا، تكتيكيا ونفسيا··
وكان من المستهدفين في هذه الغارات الإعلامية التي شنها هنري ميشيل دفاعا عن نفسه واختياراته، ودفعا للهجمة الشرسة التي باغثته، الجامعة الملكية لكرة القدم، عندما قال أنه وقد عاد بعد سبع سنوات من الغياب لم يجد شيئا في العمق قد تغير، إلا ما كان من تكسية بعض الملاعب بالعشب الإصطناعي، في حين ظلت مرافق حيوية كثيرة مفتقدة للعمل الهيكلي، واستعرض الإخفاقات التي سجلتها الكرة المغربية في السنوات السبع الماضية، والتي كان المستثنى منها دورة تونس سنة 2004، والتي بلغ الفريق الوطني مباراتها النهائية، ونال خلالها لقب وصيف البطل مع المدرب بادو الزاكي··
وإذا ما كانت الغارات التي شنها هنري ميشيل لن تحرك في المكتب الجامعي ساكنا، وهو من يستعد لعقد إجتماع له يوم الخميس (إذا لم يتعرض لتأجيل إضطراري)، بنية مناقشة ما تحقق في برنامج التأهيل، أكثر منه دراسة مأساة الخروج الصاغر والمبكر من غانا، فإنها أثارت حفيظة المجتمع السياسي، إذ تحرك قادة سياسيون وصناع قرار على مستوى تدبير الشأن الحكومي، إلى إعتبار ما جاء على لسان هنري ميشيل مسا بالسياسة العامة، إعتبارا إلى أن الرياضة مرفق يحتل في عمل الحكومة موقعا بارزا، خاصة في الفترة الأخيرة، التي شهدت إنخراطا فعليا لهذه الأخيرة في تأهيل الرياضة الوطنية، بدء بكرة القدم··
ومن المنتظر أن تساءل السيدة نوال المتوكل وزيرة الشباب والرياضة، عند اجتماعها بأعضاء لجنة القطاعات الإجتماعية داخل مجلس النواب عن فحوى ومضامين التصريحات الخطيرة للمدرب هنري ميشيل، إضافة إلى دواعي ومسببات الإقصاء والخروج الكارثي من كأس إفريقيا للأمم·
ووقف العديد من المدربين ومن الأطر الوطنية مشدوهين، مستغربين للأسلوب الذي أدار به هنري ميشيل ندوته الصحفية، وأيضا لما ضمته هذه الندوة من تصريحات تمس حرمة كرة القدم الوطنية، واعتبر أغلبهم أن ما جاء في كلامه هو تمويه صريح، وتغييب لمسؤولياته المباشرة في كل هذا الذي حدث بغانا، إذ ما من شيء يقول أن هنري ميشيل لم يرتكب أخطاء بالجملة في تدبير مباريات الفريق الوطني في الكأس الإفريقية، وبخاصة أمام غينيا وغانا·
وستكون لودادية المدربين المغاربة ردة فعل صريحة حيال ما جاء في تصريحات هنري ميشيل، خلال إجتماع يعقد اليوم الإثنين·
وكان العنصر الغاضب من تصريحات هنري ميشيل اللاعبون، وبخاصة الذين استهدفهم الإنتقاد المباشر، إذ ذهبوا إلى القول أنهم ما توقعوا أبدا من مدرب كبير مثل هنري ميشيل أن يطلق بشكل طائش وغير مهني النار على اللاعبين وتحميلهم مسؤولية الإخفاق، برغم أن المنطق يقول أنه المسؤول الأول عن الإختيارات البشرية والتقنية والتكتيكية، وبرغم أن القواعد الأخلاقية تقول أيضا أن المدرب يحمي لاعبيه ويتحمل عنهم كل مسؤولية، مستدلين بما يفعله كثير من المدربين في حال الإخفاق والخسارة··
وبلغ الغضب عند بعض اللاعبين وبخاصة منهم المحترفين بأوروبا، حد التفكير في مقاطعة الفريق الوطني، ما دام على رأسه هنري ميشيل، لأنه يستحيل العمل مع مدرب لا يحترم مسؤولياته، ولا يحترم لاعبيه أيضا··
وذهب العديد من اللاعبين إلى إبراز تشاؤهم من المرحلة القادمة، وأبدوا تخوفهم من أن تشهد السنتان القادمتان مع بقاء هنري ميشيل مدربا وناخبا سقوطا مريعا للفريق الوطني، لا يستطيع معه التأهل لا لكأس العالم بجنوب إفريقيا ولا لكأس إفريقيا للأمم بأنغولا سنة 2010·
وشدد البعض أن من دواعي الإخفاق والإنتكاسة، أن الفريق الوطني أصبح مشرعا أمام بعض الوسطاء الذين باتوا يفعلون فيه ما يحلو لهم، بدليل أن هناك لاعبين إستمات هؤلاء في الدفاع عنهم ليحضروا كأس إفريقيا بغانا، بهدف تأمين عقود جديدة لهم، ما حرم آخرين أكثر أحقية منهم في حضور المونديال الإفريقي·
ترى هل كان هنري ميشيل وهو الذي كان مطبوعا بكثير من الكاريزمية يعرف أنه سيزيد من حوله نار الغضب، وهو يستعد لإطلاق النيران الطائشة؟
هل فعل الذي فعله بمحض إرادته، أم أنه برمج ليقول كل هذا الذي قاله بهدف تحويل أنظار الرأي العام وامتصاص غضبه بعد الذي حدث بغانا؟
في الحالتين معا·· هنري ميشيل ضرب آخر قلعة من قلاعه، وبات مكشوفا أمام لاعبيه أولا وأخيرا··
|